الأحد، 12 أكتوبر 2008

من الأمر .............لمن الاختيار ؟ ( قصة من الذاكرة

قصة من الذاكرة ( لمن الأمر .. لمن الاختيار ؟)................

أيها الشارع .. ألا زالت الأشجار فيك تتحرك ؟ أعرف أن رياح الخريف لا تخدع ، ولا تميل بالأغصان عبثا . وكنت كلما تحركت الأشجار سمعت نداء من وراء البحار ، هفوت للأفق المتوج بالغيوم أرقب عودة أحبة رحلوا قبل أعوام وأصيح حان أن أتحرر من قيود .. فالقافلة هاهي محملة باحرف النشيد الذهبي ..

بيد أن القافلة لم تعد والنشيد لم يتحرر من أسر حناجرنا المشلولة من أثر السهاد .

أذكر ذلك الشارع فأذكر طفولتي . أذكر فضاء أمراحنا . وأذكر مشهد الرحيل. كان الفزع كثيفا ليلة رحل الأحبة ، والناس يستحمون في ضباب الأسى . لم تكن في الضاحية أشجار فانبتناها بدمع الاكتئاب . النبوءة أكدت أن رقصة الأغصان إيذان بعودة الراحلين . وتحركت الأشجار فهل صدق العراف ؟

سبعون مرة تحركت الأشجار . تغنى الأسير في دهاليز الرومان .. وظلت رائحة الفجور السياسي تتناهى إلينا من أحياء النبلاء . لم يتغير شيء ولكن الطفل تساءل فجأة عن لعبة العيد . أهو الأمل أم شعور بالضياع ؟

نبوءة العرافة أجمل من قطرة غيث على شفة ظمئى . نقش القلب حلما بنفسجيا على خد الوسادة الخالية . انفجرت قنبلة من صنع يدوي . تلفت تجار المخدرات نحو المسجد الوحيد في الحي . هل يعصمهم من الزلازل ؟ حملة نابليون ضد الإرهاب مستمرة حتى مطلع الفجر . فلما نخاف نحن الذين لا نملك خبزا ولا رصاصا مطاطيا ؟ هل نطلب حق اللجوء خلف جبل قاف ؟

ها نحن نتوسد كتاب تفسير الأحلام . النبوءة مستعصية وطريق العودة مسدود . ما للطبيعة لا ترجم مصانع التزوير في أذغال الديمقراطية ؟ البلاغات الرسمية تسير على ظهر دابة عرجاء ، والملوك ودعوا زمن الانتصارات الساحقة . وحدها الشعارات هي كل ما تبقى لدى الزعماء السياسيين . إنها الخديعة في أمة لا تنخدع بغير الوعود . من كان ضحية المؤامرة ؟ نحن أم حفدة السعلاة ؟

ونيم الذباب جف على زجاج النوافذ . العنكبوت تحكي عن ثلة سرقوا الميزان من قاعة المحاكم . أغمضوا عين الشمس بمنديل مومس مسلولة كلما ضحكت نفثت دما .

هل يطفيء القلب سراج الانتظارريعانق الرماد في دفاتر مهجورة كقصائد الشعراء. لم يبق السارقون للأجيال خبزا ولا ملة . اختزنوا الثروات الندية في الأبناك البعيدة . نشروا على أبواب الإدارات لعنة الجفاف . ولا خلاص للقلب إن لم تعد قافلة النور تملأ الشوارع خفقانا هو الحياة .لا خلاص للقلب إن لم تصدق نبوءة الدجال

لا خلاص للقلب إن كانت الأشجار لا تحركها الرياح . يحركها أولئك الذين تملكوا عجلات الزمن المقهور .

في هذا الشارع كان الرفاق يستنزلون المسك من دم الغزال . لم يعد يجدي فصول من كتاب رأس المال أو فقرات من معالم في الطريق . خبت أباريق الأحلام .

حين انفجرت القنبلة انطلقت كلاب الصيد . خانتهم صفارة الإنذار. لم تكن قنبلة حقيقية . ظل طفل يحتفظ بها منذ عاشوراء البائد . أما الرعد فكان حقيقيا . تلفت ساعي البريد في الشارع يبحث عن رقم المنزل . الضباب يحجب الرؤية . قد رحل الأحبة . أغلقت وزارة الشغل مصالحها . تفرق العاطلون إلى الدمع والإحباط .

مات القلب ......

ليست هناك تعليقات: