السحر بين العلم والدين (تابع)
غير أن نفرا من مروجي الخرافة والشعوذة راحوا يصدرون الفتاوى المغرضة ضد كل من يرفض تهافتهم ولم ينسق وراء حججهم الواهية.في مقدمة هؤلاء علماء سلفيون ممن يباشرون الوعظ والإرشاد في خطب الجمعة وفي حلقات الدرس بالمساجد. نذكر من بينهم الشيخ عبد العزيز بن باز الذي كان يشغل رئاسة المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة و الرئاسة العامة لإرادة البحوث العلمية والإفتاء.فقد ادعى القدرة على إبطال السحر وفك الرصد وطرد الجن من أجساد البشر.
كما ذهب إلى القول بأنه أخرج شيطانا بوذيا من جسد أحد الأعراب.
وفي محاولة لإثبات وجود السحر يذهب هؤلاء مذاهب متناقضة.السحر عندهم ثابت
بالكتاب والسنة،وأن ذكره في القرآن كاف لإثبات وجوده.وهذا ادعاء مرفوض قطعا.
لأن ذكر لفظ السحر في القرآن الكريم لا يعني وجوده بالمفهوم الشائع عند الدجالين والمشعوذين.
فما مفهوم السحر في القرآن؟
لا يستعمل السحر،في الآيات التي يستدل بها هؤلاء إلا بمعنى واحد هو خداع الحواس والتأثير على النفس إلى حد أن يتوهم الناظر الأشياء على غير حقيقتها.
السحر لا وجود له إلا في وهم الناس.والساحر له قدرة فائقة على خداع الحواس.يكتسب ذلك بالمران والممارسة ومعرفة سبل التأثير النفسي على مدارك السذج من الناس،فيتوهمون بفعل ذلك أنهم يرون أشياء ويسمعون أصواتا.هذا ما حدث للمصريين حين تو هموا أن سحرة فرعون حولوا الحبال والعصي إلى ثعابين وحيات.وفي القرآن الكريم آيات صريحة بهذا المعنى (سحروا أعين الناس)،(خيل إليه من سحرهم أنها تسعى).
إن مجرد الاعتقاد بوجود السحر جهل بطبائع الأشياء.فالسحر يتنافى مع قدرات البشر.لأن تحويل الحبال والعصي إلى حيات يقتضي من السحرة أن ينفخوا فيها الروح.وبذلك فالإيمان بالسحر كفر،لأن القائلين
بوجوده يسندون إلى الساحر صفات الخلق،ويجعلون له قدرة على التحكم في مجرى الحياة وتغيير أقدار الناس
.وفى هذا الاعتقاد شرك صريح